‎سقوط السلاح: حزب الله بين وهم الحماية وواقع الهزيمة

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

‎سقوط السلاح: حزب الله بين وهم الحماية وواقع الهزيمة

‎في زمن التناقضات القاتلة، لم يعد ممكناً أن نُجمّل الحقيقة أو نغلفها بالشعارات: سلاح حزب الله سقط، وسقط معه ادعاء الحماية والمقاومة والسيادة.
‎منذ أكثر من عام، وإسرائيل تمارس حرباً مفتوحة على لبنان، لا تفرّق بين الجنوب والبقاع، بين الضاحية وبعلبك، بين القرى الحدودية وأطراف الشمال. تُمحى القرى عن بكرة أبيها، ويُستهدف المدنيون، وتُدمّر البنية التحتية، ويُقتل القادة الواحد تلو الآخر، حتى وصلنا إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، في واحدة من أدق عمليات التصويب العسكري والسياسي في تاريخ الصراع.
‎ومع ذلك... لم يُطلق الحزب رصاصة واحدة تُوازي حجم الضربة.
‎ المقاومة التي لا تُقاوم
‎أين الرد؟
‎أين مبدأ "إذا ضُربت الضاحية تُضرب تل أبيب"؟
‎أين "توازن الرعب" الذي لطالما تم تسويقه كسقف الحماية؟
‎وأين ما تبقى من الهيبة؟
‎السلاح الذي ظل لعقود يُسوّق كقوة ردع، صمت في أخطر لحظات البلاد. لم يتحرك إلا باتجاه واحد فقط: احتلال بيروت في 7 أيار، ضد أبناء الوطن، لا ضد العدو.
‎وهكذا أصبح سلاح حزب الله يعمل فقط عند الحاجة الطائفية، ويسكن حين تكون الكرامة الوطنية هي الهدف.
‎ سلاح لم يحمِ... بل جرّ الدمار
‎قُصفت بعلبك للمرة الأولى منذ عقود.
‎ضُربت منشآت في البقاع والجنوب وعكار.
‎تهاوت الضاحية الجنوبية بفعل أعنف موجات القصف.
‎واغتيل معظم قادة الصف الأول للحزب، تباعًا، على أرض لبنان وسوريا.
‎وكل هذا جرى دون أي ردّ فعلي استراتيجي حقيقي، بل وسط صمت مريب يُبرّر بالهدوء... و"الحكمة".
‎ السقوط الأخلاقي والسياسي
‎سقط السلاح لأنه:
‎لم يمنع العدوان.
‎لم يحمِ الناس.
‎لم يُحرّر أرضاً.
‎لم يُسقط صفقة.
‎ولم يُنجِ حتى قادته.
‎بل تحوّل إلى أداة فئوية، طائفية، يُستخدم لفرض التوازن الداخلي بالقوة، لا لحماية حدود الوطن.
‎أصبح أداة لزرع الفتن، لا مواجهة العدو.
‎ هذا هو وقت الحقيقة: سلاح المقاومة مات... ويجب دفنه سياسياً
‎الشرعية الوطنية لا تُبنى على الخوف، ولا على توازنات الميليشيا.
‎ومن مات أمينه العام دون ردّ، وسقطت مناطقه دون ردع، وسُحق قادته دون موقف، فقد آخر أوراق شرعيته.
‎السلاح الذي لا يُحرّكه استشهاد قائده، ولا قصف مدنه، ليس سلاح مقاومة... بل سلاح سلطة غائبة ومشروع طائفي ساقط.
‎المرحلة المقبلة هي مرحلة استعادة الدولة، لا التعايش مع الفوضى المسلحة.
‎إما أن تكون بيروت عاصمة لكل اللبنانيين، أو تكون كل لبنان رهينة حزب خسر كل شيء إلا وهم السيطرة.
‎سقط السلاح... فلتسقط الأكذوبة.